عمر غندور لـ”أحوال”: عملنا على تسخير صداقاتنا السياسية لمصلحة “النجمة”
يُعتبر الحاج عمر غندور الرئيس التاريخي على رأس “نادي النجمة”، ففي عهده عرف النادي البيروتي طعم النجاح والأمجاد والإنجازات التي يذكرها كل اللبنانيين على مختلف مشاربهم، كما كانت هناك محطات تعرَّض فيها النادي للظلم في بعض الأحيان.
غندور فتح دفاتره القديمة وذكرياته لموقع “أحوال”، فقال: “بدايتي مع النادي الذي تأسّس عام 1945 في محلة رأس بيروت، كانت مطلع عام 1968 حيث كان الهدف ليس لعبة كرة القدم فقط، بل استقطاب الشباب إلى المدرّجات ونشر الوعي الرياضي في إطار الأخلاق وتهذيب النفوس”، مشيرًا في هذا الخصوص إلى أن إحدى السيدات من عائلة عريقة، أخبرته أن زوجها تخلّى عن عادة الذهاب إلى السباق كل يوم أحد، ولزم بدل ذلك متابعة “فريق النجمة”، شاكرة غندور على فكرة تعميم مفهوم معنى الرياضة وأهميتها.
بدوره، توجّه غندور بالشكر إلى كل من ساهم معه في “لجنة النادي” لتحسين الملعب الواقع في محلة المنارة، ذاكرًا أنهم كانوا يعملون بأيديهم لتنظيف الملعب من الحجارة والبحص حتى يصبح صالحًا لإقامة المباريات فيه، إلى جانب تخصيص بدلات شهرية للاعبين ومنح مكافأة على الفوز، وخصم مبالغ في حال الخسارة.
ويعتزّ غندور بالفترة الذهبية في السبعينات، إذ كان فريق “النجمة” يستقدم الأندية العربية والعالمية حين كانت مدينة كميل شمعون تشهد أعراسًا جماهيرية. ومن أبرز المحطات، كانت المباراة التي شارك فيها النجم البرازيلي “بيليه” عام 1975 أمام جامعات فرنسا، ويومها بلغ دخل المباراة 130 ألف ليرة لبنانية تبرّع بها النادي لبناء تمثال الأمير فخر الدين، وكذلك المباراة “المشهودة” التي هزم فيها “النجمة” فريق “ارارات” بطل الاتحاد السوفياتي عام 1974، ويومها كتب الراحل فريد خوري في صحيفة “الأنوار”: “بطل أصغر دولة يهزم بطل أكبر دولة”.
في المقابل، يرى غندور أن الظلم كان يلحق بناديه محليًا، في ظلّ سيطرة نادي “الراسينغ” على قرارات الاتحاد الكروي آنذاك، فكان الأخير يعمد إلى إلغاء البطولة حالما يشعر بأن “النجمة” سيُتوّج بطلًا، إلا أنّه بدأ يصطدم بالواقع شيئًا فشيئًا، خصوصًا أن “النجمة” فريق قوي ويملك قاعدة جماهيرية لا يمكن الإستهتار بها، ولكن مع إندلاع شرارة الحرب الأهلية، تبدّلت الأحوال وقام غندور ببناء جسور التواصل مع “الراسينغ”، فطار الفريقان معًا إلى أفريقيا تحت إسم “التفاهم”، حيث كانت أولى المحطات في السنغال، فنزل لاعبو “الراسينغ” في ضيافة عمر غندور، إذ كان الهدف من الزيارة إظهار التضامن “الإسلامي – المسيحي” في ظلّ التناحر والاقتتال الداخلي.
ويشرح غندور لـ”أحوال”: “كان فريق النجمة يستعيض عن المباريات الرسمية بالمشاركة في دورات “16 آذار” و”الأضحى” التي ينظّمها نادي “الصفاء”، إلى أن عادت عجلة النشاط الرسمي مطلع التسعينات، وهنا حصل خلاف مع الأمين العام “رهيف علامة” حول كيفية إدارة اللعبة، فكانت النتيجة بأنّه حارَبنا وكان ينحاز إلى نادي “الأنصار” الذي كان في يوم من الأيام أحد مسؤوليه الإداريين، حتى أنه حاول نقل مباراتنا في “البطولة العربية” في التسعينات، من ملعب المدينة الرياضية إلى ملعب بلدية برج حمود، بالإضافة إلى العديد من الأحداث الظالمة والمستفزة”، مؤكدًا بالمقابل أنه على الصعيد الشخصي هما على تواصل دائم.
أما عن ملعب النادي الصغير الذي يقع في المنارة، فكان غندور يأمل في تغييره وبناء مدينة رياضية تليق بالفريق العريق، حين كان الرئيس رفيق الحريري ينوي بناء قصر المؤتمرات وتعويض إدارة النادي بمبلغ ستة ملايين دولار، ولكن الأمور توقفت؛ وبالنسبة للملعب الحالي، فلا يزال مستأجَرًا من الشركة “اللبنانية السورية المشتركة للعقار” لمدة 99 سنة مقابل 100 ألف ليرة لبنانية سنويًا، حيث كان غندور يدفع المبلغ مضاعفًا لحساب الشركة المؤجرة عبر البريد لأنه لم يعد لها أثرًا.
من جهة أخرى، يتذكر غندور كيف سمح رئيس الوزراء الراحل شفيق الوزان لإدارة نادي النجمة بناء المدرجات والأسوار في الملعب على مسؤوليته الخاصة، وهي كانت يومها بطريقة غير قانونية، كما لا يخفى على رئيس النادي السابق العلاقات القوية والمتينة التي جمعته مع الرؤساء صائب سلام وعبد الله اليافي وتقي الدين الصلح ونبيه بري ورفيق الحريري، حيث قدم الأخير مبلغ 200 ألف دولار للفريق من دون أن يطلب أن يعلن غندور ولاء النادي له، ومن هذا المنطلق كان دعم السياسيين رياضيًا ولا علاقة له بأي جانب آخر.
هذا ويرى الحاج عمر أن كل من يعمل اليوم في القطاع الرياضي هو بطل مقدام، لأن الظروف تبدّلت عن ذي قبل ولا مجال للمقارنة، فالرئيس الحالي “أسعد صقال” يبذل نفسه في سبيل النادي وكذلك باقي رؤساء الأندية، والأهم هو إبعاد كرة القدم عن السياسة، كما كان “النجمة” عابرًا للطوائف ويمثل كل لبنان.
ويختم غندور حديثه لـ”أحوال” برسالة إلى جماهير “النجمة” بأن يحافظوا على هذا الكيان بالتشجيع الحضاري والابتعاد عن كل ما يسيء للفرق الأخرى وكل ما يتعلق بالسياسة والطائفية.
الجدير بالذكر أن غندور تنحّى عن رئاسة “النجمة” عام 2003 وخلفه محمد فنج، ثم محمد أمين الداعوق وأخيرا أسعد الصقال.
سامر الحلبي